هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
التسجيلالرئيسيةأحدث الصوردخول

 

 ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mostafa mk
المدير العام
المدير العام
mostafa mk


عدد الرسائل : 116
تاريخ التسجيل : 17/07/2008

ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد- Empty
مُساهمةموضوع: ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد-   ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد- I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 13, 2008 10:12 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ المشنقـة -دراما في فصل واحد- 855269ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



المشنقـة

دراما في فصل واحد

خليفة بباهواري

(يرفع الستار زهران جالس أمام صندوق صغير على كرسي أصغر، أمامه أوراق وأقلام وعلبة سجائر. يكتب، ويغير القلم عدة مرات. يكمش ورقة ويرميها أسفل الصندوق، يعاود أخذها، يفتحها ويقرأها. يأخذ قلما آخر ويكتب ثم يعيد رمي الورقة. يرفع ورقة جديدة وكأنه يبحث فيها عن شيء ما يحاول تمزيقها. لكنه يتردد ويضعها على الصندوق.

(يوجد زهران في الطرف الأيسر من الخشبة/ الركح ( في الجهة المقابلة للكواليس إذا كان هناك مدخل واحد فقط في المسرح). يركز عليه الضوء. يقف مفكرا كما لو يبحث عن فكرة ما. يعود إلى مكانه مفكرا دائما.

(تدخل جنية في لباسها الأبيض. لا ينتبه زهران. تقترب منه ببطئ وفي صمت. تقف وراءه وتطل على ورقته).

جنية - (بلهجة مستفهمة) لا شعر من دوني؟ هه؟!

زهران - (يرفع رأسه نحوها دون استغراب، كما لو كان يعلم بوجودها) أنت هنا ؟!

جنية - (تبتعد عنه خطوتين، وظهرها نحوه) نعم.. أنا هنا. لقد كنت هناك لكني الآن هنا.

زهران - (يقف ثم يجلس) منذ متى؟

جنية - (تبتعد عنه خطوتين، تدور نحوه، تقف وتنظر إليه، ثم تقترب منه راجعة خطواتها الأربع) منذ أن جفت ينابيعك.

زهران - يقف. ينظر مليا في عينيها. يتجاوزها بخطوتين. ظهره إلى ظهرها) لا أعتقد!

جنية - لماذا؟

زهران - (يدور نحوها. يعود إلى كرسيه) لو كنت قربي لأحسست بمعاناتي.. لتدخلت قليلا، ولما تركتني أتيه في بحور تفكيري العميقة دون أن أجد ما أبحث عنه من كلمات.

جنية - (تتقدم نحوه. تقف وراءه وتضع يديها على كتفيه) ما كنت تبحث عنه ليس مهما ولن يكون ذا قيمة فنية!

زهران - (يزيح يديها بنوع من العنف. يقف ويتقدم ثلاث خطوات إلى الأمام) أنا الذي أحدد ما المهم!

جنية - (تجلس مكانه) لا أظن!

زهران - (يدور في اتجاهها. يضطر لخفض بصره اتجاهما بعدما يجدها جالسة. متساءلا في شيء من الرفض) لا تظنين؟!

جنية - (جالسة دائما) نعم.. لا أظن. (يتقدم زهران خطوة ويتوقف عندما تتم كلاهما) لا أظن.. ولا تسألني لماذا. لأنك تعرف. (تقف وترجع إلى الوراء خطوتين و وجهها دائما في اتجاه الجمهور. تشير له أن يتقدم الى مكانه. يفعل ويجلس) الشعر ليس بحثا.. الشعر هبة.

زهران - (يوافقها بحركة من رأسه، يعود إلى ورقته. يرفعها. يريد أن يبدأ القراءة، فيتوقف عند سماع وردان)

وردان - (خارج الخشبة)

يا دماء الشهداء تفجري.. تفجري

واغسلي أحزاننا .. وقربي موعد اللقاء

بكل غصن بكل حجارة.. بكل طفل بريء

سنفدي.. سنحمي أرض الإسراء

(في هذه اللحظة يظهر وردان على الخشبة. يمضي قارئا في ورقة لمدة خطوتين ثم يقف على يمين الخشبة- في الجهة التي فيها الكواليس. الملاحظة السابقة)

بكل دمعة من عين أم حزينة

سنسقي أرضنا أرض العروبة

من رباط.. من بغداد على صنعاء.

زهران - (ينظر إلى جنية، ثم يقف وينظر إلى وردان) هذا جزء من شعري!

وردان - (متساءلا) شعرك؟

زهران - (مؤكدا) نعم.. شعري.. هذا جزء من شعري.

وردان - (متساءلا) من أنت؟

زهران - (مستغربا.. يقترب من وردان خطوتين ثم يقف) ألا تعرفني؟

وردان - (يتقدم خطوة من زهران) من أنت لأعرفك؟ من تكون؟

زهران - (حركة استغراب)

وردان - (ينظر إلى صندوق زهران.. يشير إلى الصندوق) أأنت بائع سجائر بالتقسيط؟

زهران - (يعود مضطربا خطوتين إلى الوراء. يقف مكانه متساءلا ومستغربا) ماذا؟!

وردان - (يعاود الإشارة إلى الصندوق) هل أنت بائع سجائر؟

زهران - (يعود إلى كرسيه ويجلس. يضع يديه على الصندوق ثم يضع رأسه فوق يديه ويميله يمينا ويسارا- يقترب منه وردان وينحني نحوه مستغربا. تطل عليه جنية بعدما تتقدم إلى يمينه. يبدو أن وردان لا يراها. يرفع زهران رأسه فيستقيم وردان وجنية التي تعود إلى مكانها) يا للندامة! (مستغربا) أنا بائع سجائر؟! يا للندامة! (ينظر إلى جنية) أصبح الشعراء يساوون بائع السجائر.

وردان - (يعود خطوة إلى الخلف) وما به بائع السجائر؟ على الأقل هو يساهم في النسيج الاقتصادي.

زهران - (يقف غاضبا.. مستنكرا) بائع سجائر؟!

وردان - (يتقدم نحو زهران متساءلا) أنت شاعر؟ (بعد قليل، كمن يصل إلى استنتاج ما) إذن أنت شاعر!

زهران - (يؤكد بحركة من رأسه –ينظر مبتسما إلى جنية)

وردان - (يتراجع ثلاث خطوات إلى الوراء. يعاود أخذ الورقة التي كان يقرأ فيها الشعر) شعرك هذا الذي كنت أردد؟

زهران - (يتقدم نحوه خطوة) نعم (ثم يعود إلى كرسيه ويجلس) نعم ذاك شعري.

وردان - (في مكانه دائما) شعر (يقرأ بنوع من الاستخفاف لا يظهر كثيرا) سنسقي أرضنا.. أرض العروبة من رباط .. من بغداد لى صنعاء.

زهران - (يقف، ويقرأ بطريقة شاعرية)

سنسقي أرضنا.. أرض العروبة.

من رباط، من بغداد إلى صنعاء

وردان - (بنفس النبرة) الرباط.. بغداد.. صنعاء، تعني العرب؟

زهران - (يجلس) نعم.. العرب. (صمت خفيف)

وردان - (فجأة) وماذا استفاد العرب... بشعرك؟!

زهران - (يقف بغضب. يهرول نحو وردان، ويقف قربه. مستنكرا) ماذا استفاد العرب بشعري؟!

جنية - (يبدو أن وردان لا يسمعها) وماذا استفاد العرب بهذه المسرحية التي تلعبان أنت وهو؟

زهران - (يدور نحو جنية) سليه بالله عليك.

وردان - (مستغربا) مع من تتحدث؟!

زهران - (يدور نحو وردان) اسمع يا أخ. رغم أننا شعراء "فقط" حسب رأيك.. فهناك من يريد أن يسمعنا.. ويفهم مقصودنا.. ويؤدي الرسالة معنا. هذه الخشبة الصلبة يمكن أن تكون منبر إشعاع قريب وأقرب من كل قضية في هذه البلاد وفي هذا الوطن العربي الكبير.

وردان - (في نوع من الاستغراب) قريب من كل قضية في..

زهران - (يقاطعه) نعم كل قضية.

وردان - (متساءلا) إذن هناك قضية؟

زهران - (يعود إلى مكانه. يجلس) نعم هناك قضية.

وردان - (يقترب منه. تبقى بينهما خطوة واحدة) فماهي القضية إذن؟

زهران - (في مكانه) تريد أن تعرف القضية؟

جنية - (تنحني على زهران) من حقه أن يعرف

زهران - (يدور برأسه نحوها) تعتقدين؟

وردان - (مستغربا ومنحنيا نحو زهران) مع من تتحدث؟!

زهران - (يعود إلى وضعيته الأولى) تريد إذن أن تعرف القضية؟ (يقف ويشير إلى الجمهور) وهؤلاء الناس؟

جنية - (تقترب من زهران. قرب أذنه) من حقهم أن يعرفوا.

زهران - (يدور برأسه نحوها) اعتقد ذلك.

وردان - (يقترب من زهران مستغربا) مع من تتحدث؟

زهران - (يأخذ وردان من كتفه ويتجه به ثلاث خطوات نحو اليسار) الكل إذن يريد أن يعرف القضية. سنعرفها جميعا على هذا المنبر.. فلنبدأ إذن.

وردان - (مستغربا) فلنبدأ بماذا؟

زهران - (يدع وردان ويبتعد عنه خطوتين) فلنبدأ بالبداية.

وردان - (مؤكدا) الكل يبدأ من البداية.. فما هي البداية؟

زهران - يجب أن نقول للناس من نحن أولا.

وردان - (يتجه نحو كرسي زهران. يجلس) أنت قلت أنك شاعر.

زهران - نعم

وردان - ولهذا فربما أنت مغامر.. أو مخاطر. ولكن اتعرف من أنا؟

زهران - (يتجه نحو وردان، يشير إليه بأن الكرسي له.. ينظر إليه وردان دون حركة.. يجره من يده ويوقفه ثم يجلس مكانه) نعم. وكيف لا أعرفك؟

وردان - (مستغربا) أحقا ؟!

زهران - (يقف ويأخذ وردان من كتفه ويتجه به نحو الأمام) ألست أنت وردان جندي الحدود الذي استقال.

وردان - (يزيح يد زهران عن كتفه ويبتعد عنه خطوة) ومن قال لك ذلك؟

زهران - (مبتسما.. يعود إلى كتف وردان) ألا تعرف أن للشعراء جنياتهم؟

جنية - (تتقدم مقتربة من وردان وزهران. تعدل في حركة أنثوية ثيابها) وأنا جنيته.

وردان - (مستغربا. يرفع مرة أخرى يد زهران) أي جنيات؟

جنية - (رافضة تجاهل وردان) ويحك.. أنا!

زهران - (يأخذ جنية من يدها ويتقدم بها نحو وردان) هي ذي جنيتي.. ملهمتي.. بإمكانك أن تراها الآن.

وردان - (مستغربا.. يرجع خطوتين إلى الوراء) من هذه؟

زهران - (يقترب منه.. ويجر معه جنية) جنيتي.. مصدر وحيي.

وردان - (مستغربا دائما.. ويتبادل الأماكن مع زهران) أين كانت؟ كيف دخلت إلى هنا؟

زهران - هي هنا منذ البدء.. هي معي منذ كنت وكانت.

جنية - ( تتوجه نحو وردان) أنا وجدت من أجله.

وردان - (مستهزءا) سبحان الله!

جنية - (متباكية) تستهزئ بي؟!!

وردان - (معتذرا) حاشا لله أن أفعل.

زهران - (يتوجه نحو جنية، يطبطب على كتفها ويطيبها) لا عليك.

جنية - (متباكية دائما) إنه يسخر مني.

وردان - (يستعطفها) ما كان ذاك قصدي.. أقسم على ذلك.. ولكني استغربت لوجودك.

زهران - (يأخذ جنية ويتجه بها نحو كرسيه ويجلسها) أتذكرين كيف استغربت يوم ظهرت لي لأول مرة؟

جنية - (تضحك تم تخفي وجهها.. تم تزيح يد يها عن وجهها) لقد اصفر لونك وكدت..

زهران - (يقاطعها) ايه.. ايه..!

جنية - (تضحك دائما) لا تريد أن أقول!

وردان - (مستفهما) تقولين ماذا؟

زهران - (يأخذ وردان ثلاث خطوات بعيدا عن جنية) لا عليك (يزيد خطوة أخرى) لنعد إلى موضوعنا.

وردان - (يتخلص من زهران. يتقدم خطوة إلى الأمام) نعم.. أنا وردان جندي الحدود الذي استقال. (يتجه نحو جنية التي تجلس على كرسي زهران. يتوجه نحو هذا الأخير) وهل تعرف أيضا سر استقالتي؟

زهران - ربما ولكن المهم أن يعرفه هؤلاء الناس.

جنية - (تقوم من الكرسي، وتتجه نحو الجمهور) أنتم المعنيون ب"هؤلاء الناس" يا سادة من حقكم فعلا أن تعرفوا سر استقالة وردان وما وردان إلا واحد من كل الذين استقالوا من حراسة الحدود..

وردان - (يتقدم مسرعا نحو جنية التي تحس بخطوه فتدور نحوه) هناك أيضا من استقالوا من الوطن.

زهران - (يعود إلى كرسيه ويجلس) وهل ستستقيل أنت أيضا من الوطن؟

وردان - (يتجه نحو زهران.. يجلس بجانبه) لولا حبي للوطن لما استقلت من حراسة الحدود.

جنية - (تدور نحوه) ولماذا استقلت؟

وردان - (يرتمي على ركبتيه) أنا وردان.. رقم مجهول.. رموني هناك.. ونساني الزمن على ضفاف الحدود/ الفاجعة. أطلت الوقوف على سلك لا أعرف لماذا يوجد. سلك يمنع خيرات العرب.. سلك منه تمتص الكهرباء لضرب العرب. كنت حارسا أمينا، أنا العالم بسر وقوفي.. أنا العالم/ الجاهل بسر هذه الأسلاك التي نسميها وهمية.

زهران - (يقف، يتقدم نحو وردان، يضع يديه على كتفيه) استقلت إذن، وتريد أن تصنع شيئا ما للعرب؟

وردان - (يحني رأسه على صدره- جنية تجلس على كرسي زهران- متأسفا) العرب؟!

زهران هيا إذن للفوز .. للقمم حتى تعرف الحقيقة والنضال!

وردان - (يرفع يدي زهران عن كتفيه. يتوجه ثلاث خطوات نحو اليسار) القمم عالية.. والنور يعمي.. والحقيقة لا وجود لها في عالم مزق الانتماء. ولا تحدثني عن النضال.

زهران - (متساءلا باستغراب) لماذا؟!

وردان - (يعود خطوة نحو زهران) أنا جائع (وخطوة أخرى) أنا ظمآن.

زهران - (مستغربا) اتفكر الآن في جوعك وعطشك (يتوجه نحو الجمهور –يتقدم خطوة إلى الأمام) أما زال في الأرض عيش يستوجب الأكل والشرب (يعطي بظهره نحو وردان) لعنة الله على جوعك وعطشك. اللعنة عليك.

وردان - (يتقدم نحو زهران، يضع يده على كتفه) لماذا تلعنني؟

زهران - (يدور بوجهه نحو وردان) أو لعنتك؟!

وردان - (يزيح يده عن زهران، ويرجع خطوة إلى الوراء) نعم.. نعم.

زهران - (يدور نحو جنية) أو لعنته؟

جنية - (جالسة دائما.. تحرك رأسها بالإيجاب)

زهران - (يتقدم نحو وردان، يضع رأسه على كتفه) إذن أنا ألعن نفسي. عندما ألعنك فأنا ألعن نفسي.. نعم ألعن نفسي.

جنية - (تقف وتتوجه نحو وردان) لماذا ترفض الحقيقة والنضال؟

وردان - (يمرر يده على رأس زهران) أريد العيش سهلا ورخيصا.

زهران - (يترك وردان. ويتراجع خطوة إلى الوراء) والوطن؟ ألا تريد أن تكون وطنيا؟

وردان - (يتوجه نحو الكرسي، يزيح جنية من طريقه، ويجلس على الكرسي) لماذا تريدون مني أن أكون وطنيا وأنا أعيش فوق خيط رفيع يحبسني عن الامتداد، آكل من البقايا وأشرب من عيون نفرتها الوحوش؟

زهران - (يتوجه نحو وردان يدور وراءه) نعم.. وحوش.. هناك وحوش ضارية.. ووحوش مستخفية.. هل فكرت فيها؟

جنية - هاهو ذا يفكر

وردان - (يأخذ رأسه بين يديه، يتأوه ويتألم) آه..! آه..! خذوا عني أفكاركم وتفكيركم .. آه.. آه (يكررها بين الفينة والأخرى).

زهران - (يتوجه نحو جنية، يجرها نحو وسط الخشبة) عندما يفكر العربي فإن رأسه تؤلمه.

وردان - (يتألم دائما) آه.. حدود.. يا جَنْيَ الحرام يا حدود.

زهران - (يبتعد من جنية إلى اليسار) حدود.. يا جني الحرام يا حدود.. لا يأتي منك خير ليطمئن العرب.. لا يأتي منك خير إلا وفي ثناياه الهرب. ونحن قد ألفنا الهرب.. نقتل.. نعذب.. هل دائما سنهرب.. قم أيها الشعب.. (يتوقف وردان عن التأوه) ثر أيها الشعب.. حطم مع وردان حدود العار.. اقتل هذا الغول.

وردان - (يقف) زهران.. يا شاعر!

زهران - (يفاجأ ويدور نحو وردان) نعم ؟!

وردان - (يتقدم نحو زهران) ها أنت تقول شعرا.. تقول فيه "ثر أيها الشعب".. أنت إذن شاعر ثوري!

زهران - (يفاجأ مرة أخرى) أنا شاعر ثوري؟! من قال لك أني شاعر ثوري؟!

جنية - (تقترب من زهران) متى أصبحت شاعرا ثوريا؟!

زهران - (مستغربا) أنا أمجد الأرض فقط، ليس إلا!

وردان - (يعود إلى الكرسي ويجلس) وهل يفيد هذا التمجيد قومنا في شيء؟

جنية - (تدور وراء زهران وتضع يدها على كتفه) نعم، فهو يوقظ القلوب.. ويبعث فيها الحياة.. حياة الدفاع عن الأرض والإنسان.

وردان - (سخرية خفيفة جدا) وكيف توقظ القلوب يا زهران؟!

جنية - (ترفع يدها عن زهران) بشعره.

وردان - (حركة تعجب واستغراب بوجهه ويده وكتفيه)

زهران - اسمع أولا ما أكتب.. وستعرف يوما ما قيمته.

وردان - (يعدل وضعيته) ماذا تكتب؟

زهران - (يعود نحو وردان. يأخذ ورقة من فوق صندوقه يعود إلى وسط الخشبة. تقف جنية وراءه. يدور نحو وردان) اسمع.

وردان - (بحركة من يده) ها أنا ذا مصغ.

زهران - (يدور نحو الجمهور.. يتحرك مرة مرة وتتبعه جنية كلما تحرك) قلبي حجارة فخذها.. اقذف بها.. اضرب بها عدوا لن ينساني..هذا تمثالي أهديه لكم.. فكسروه، واعملوا منه مليون حجارة واقدفوا بي كل الأعداء.. باليد، بالمنجنيق.. كونوا كالداء، كالحريق.. مزقوا جسدي لتقذفوا بكل عضو عشرين عدوا.. قلبي حجارة تحملها الطيور.. والمدنس قناص يدور.. شكله قصر مهجور.. وفي دمي يولد طفل وبيده حجارة.. يموت.. يقذف الأعداء.. يغني بدون قيثارة .. على مسرح مزق الستارة.. طفل بريء من الدم.. تمثال صخر لن يهدم رغم الرصاص والبارود. (يظهر الجلاد خارجا من الكواليس –على اليمين- لا يشعربه أحد. يقف وينصت وفي يده مسدس) طفل بريء من الدم.. رمز وطن يتجسد.. يدمرهم يقتلهم..

الجلاد - (يتقدم نحو زهران، ينهره ويهدده بمسدسه) يقتل من؟

زهران - (يفاجأ) من؟

الجلاد - (يقبض على زهران من كتفه) ماذا تقول أيه الوغد؟

وردان - (يقف من مكانه. بعنف) الوغد أنت أيها اللقيط.

الجلاد - (يشهر مسدسه في وجهيهما. جنية ترجع خطوتين إلى الوراء- الجلاد لا يراها) ارفعا يدكما.. سأريكما من الوغد!

زهران - أنت بالطبع!

وردان - نعم.. أنت الوغد. واللقيط بن اللقيطة.

الجلاد - (يضحك مستهزءا) هاهاها.. تعرفون الكلام.. ارفعا ايديكما (يفر وردان. يخرج من الكواليس. يتحرك الجلاد خطوات وراءه) قف.. قف وإلا أطلقت النار.. (يعود إلى زهران) هرب الملعون!

زهران - الملعون أنت.

الجلاد - (ينهره ويأخذه من كتفه، ويتجه به نحو صندوقه) تقدم.. واصمت (يصل إلى الصندوق. يأخذ الأوراق. ينظر إليها) تكتب شعرا.. تقرأ عليهم شعرك.. تحرضهم إذن. وهم يسمعون لقولك فيثورون علينا.

جنية - (تتجه نحو زهران) اصبحت فعلا شاعرا ثوريا!

زهران - (يدور نحو جنية) أخبري وردان عن قيمة كلامي.

الجلاد - (ينظر في كل الاتجاهات) مع من تتحدث.

جنية - فراره دليل كبير على قيمة قولك.

زهران - أكدي له أن القول له قيمته عند من يعرف قيمة القول.. قولي له أن الكلام يفيد.. قولي له أن تمجيد الأرض يفيد قومنا في أشياء وأشياء.

الجلاد - (مستغربا مرة أخرى) مع من تتحدث. اصمت وانتظر محاكمتك.

جنية - (تتقدم نحو زهران. تأخذ يديه تنظر إليه في حزن. تمسح بيد واحدة دمعها. تنسحب خارجة من نفس الجهة التي خرج منها وردان).

الجلاد - (يقيد يدي زهران) أتدري؟! إنهم لن يسمعوا لك. وإذا سمعوك فلن يفهموك. وإذا فهموك فلن يحركوا ساكنا!

زهران - (يجلس على كرسيه) هذا ما تعتقده.

الجلاد - (بوقف زهران) وما أعتقده هو الصحيح! وقبل أن يسمعوك أو يفهموك. سنحاكمك بتهمة التحريض.

زهران - (يجلس مرة أخرى) من سيحاكمني؟!

الجلاد - (يوقفه مرة أخرى) عندي تفويض عام لمحاكمتك.. ولمحاكمتكم جميعا.

زهران - (يجلس على كرسيه) إذن، يجب أن انتظر محاكمة تشبهكم.

الجلاد - (يوقفه) ماذا تقصد؟

زهران - (يريد أن يجلس فيمنعه الجلاد) اقصد ما قلت.

الجلاد - (يجر زهران وسط الخشبة) تقدم. قف هنا. في البداية سأقرأ عليك صك الاتهام. (زهران يهز كتفيه) التهمة الأولى: تقول الشعر، فتصر على انتماءك العربي.. لأن الشعر ديوان العرب.

زهران - (يدير رأسه نحو الجلاد) لم أكن أعتقد أن هذه تهمة (يدير وجهه نحو الجمهور)

الجلاد - التهمة الثانية: تحرض قومك على الثورة علينا.

زهران - (يدور برأسه نحو الجلاد) هذا شرف لي (يدير رأسه نحو الجمهور)

الجلاد - التهمة الثالثة: تتجاوز سلطاتنا وتعتقد أنك بعيد عن قبضتنا.

زهران - (يواصل النظر إلى الجمهور. يزيد خطوة إلى الأمام) من يداهنكم.. ويتودد إليكم هو من يظن أنه تحت قبضتكم.. وهيهات أن أكون من هذا النوع!

الجلاد - إذن.. كل هذه التهم ثابتة عليك.. والحكم في حقك واضح.

زهران - نعم.. هو حكم واضح.. وليس لي حق في الدفاع عن نفسي.. على ما أعتقد.

الجلاد - حكمت عليك المحكمة بالإعدام شنقا لتحريضك على الثورة.

زهران - ألم أقل أن محاكمتكم تشبهكم؟

الجلاد - انتظر تنفيذ الحكم فيك. (يخرج من الجهة التي دخل منها).



محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mostafa mk
المدير العام
المدير العام
mostafa mk


عدد الرسائل : 116
تاريخ التسجيل : 17/07/2008

ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد- Empty
مُساهمةموضوع: تابع   ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد- I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 13, 2008 10:14 pm

زهران - (يبقى وحده) أين أنت يا وردان لتعرف قيمة الشعر والكلام (تدخل جنية تدور حول زهران. تقف أمامه بعدما يدور ربع دورة. يقفان لحظة وجها لوجه، ينظر في عينيها وتنظر في عينيه. تأخذ يديه المقيدتين. تترك يديه وتذهب إلى الكرسي وتجلس. يعود الجلاد حاملا مشنقة يضعها في الخلف غير بعيد من جنية).

الجلاد - (يعود إلى زهران ويقوده إلى المشنقة) لقد حان الوقت ليصمت شعرك (يضع الحبل حول عنق زهران) الوداع يا شاعر!

زهران - أموت نعم.. لكن لن يموت كلامي، ولن يموت شعبي.

الجلاد - سنرى ماذا سيبقى منك (يجر الحبل)

زهران - سأموت.. (مبحوحا) فلتعش صامدا يا وطني. وطني. وط.. آه

جنية - (تسقط من الكرسي على ركبتيها. تصرخ صرخة قوية. الجلاد لا يحس بوجودها) زهران. (باكية) زهران.. يا زهرة الدنيا والوطن.

الجلاد - (منصرفا إلى الخارج) انتهينا من هذا ومن مشاكله.

وردان - (يدخل. يقترب من زهران. يفك القيد عن يديه) قتلوك. لكن مازلت حيا في قلبي. ومازال الوطن حيا. (يدور في اتجاه الجمهور.. يتقدم ثلاث خطوات إلى الأمام) يا قومي قوموا.. وحاربوا.. لا تدعوا دمي ينام في جفون الأعداء. (يدور ويعود نحو زهران) أنت قلتها.. وأنا أرددها بعدك.. وسيرددها شعبنا والوطن.. فليحيى الوطن (يبدأ في الخروج. وبصوت عال) نموت ويبقى الوطن. (يخرج. بعد لحظة يسمع صوت انفجارين متتاليين. بعد لحظة أخرى يعود الجلاد).

الجلاد - (يعود من الكواليس. يقف وسط الخشبة) الملعون.. لقد دمر آبار البترول.. ودمر شبكة الكهرباء. لقد أحدث لنا أزمة اقتصادية. لكن لا ضير. سنحصل من دول أخرى على البترول.. سنحصل على الكهرباء.. سنحصل على الأموال.. فالكل يخافنا ويحترمنا (يقهقه) هاهاها.. يحترموننا.. هاهاها.. يحترموننا.. هاهاها.. وهو يقهقه يدخل وردان ببطء. يتجه نحو جنية التي تطيل النظر إلى زهران. يأخذها من يدها ويتجهان نحو زهران، ويزيحان عنه المشنقة. يستفيق زهران. يتجهون ثلاثتهم بخطوة واحدة نحو الجلاد، وأيديهم ممدودة ومفتوحة، مستعدون لخنقه)

وردان وزهران وجنية- (بصوت واحد) نعود والموت لا يعود (يفاجأ الجلاد ويدور نحوهم. يقتربون منه، وأيديهم ممدودة دائما) نفدي الأرض بالقلب والجيد (ينقضون عليه فيهوي على ركبتيه فيخنقونه) يقتل القتلى قاتلهم.. يقتل المظلومون ظالمهم.. يقتل القتلى قاتلهم.. يقتل المظلومون ظالمهم...

(ينزل الستار)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ـــ المشنقـة -دراما في فصل واحد-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ¤§©¤ الأقســ[الأدبيـه]ــــام ¤©§¤ :: قسم الرويات والقصص-
انتقل الى: